
ما ذنبهم؟

إنها الساعة السادسة صباحا وخيوط الشمس بدأت تتسلل من بين غيوم السماء لتُنير الدروب وتسطع على الأرض في يوم غائم بارد، وحركة المركبات بدأت تنشط في الطرقات رويدا رويدا وتشتد شيئا فشيئا، وثلاثة من الأطفال وصلوا لتوهم بجانب إشارة ضوئية وضعت على مفترق وسط المدينة يبحثون عن شعاع أو خيط من خيوط الشمس ليحتموا به علهم يدفئون عظامهم وأيديهم وجلودهم قليلا من برودة الطقس ومن الصقيع المتجمد على الأرض بعد ما أحضرتهم مركبة ذاك الرجل المستغل لهم والذي يجبرهم على التسول والبيع بالقرب من الإشارات الضوئية وعلى المفارق.. وهم يرتجفون من البرد ويستجمعون قواهم تحضيرا ليوم شاق من العمل المرهق رغم صغر سنهم ووهن أجسادهم التي لا تقوى على العمل وعدم نضج عقولهم التي لم تدرك سبب إطاعتهم لهذا المستبد غريب الأطوار شديد السطوة.. يبحثون في زقاق الطريق وعلى جنباتها عن بضعة شواقل يضعها في أيديهم محسن أو من يعطف عليهم لتشفع لهم أمام الرجل الذي سيطر عليهم وعلى عقولهم بعد أن تقطعت بهم السبل بين أم مطلقة وأخرى ذهبت لبيت أهلها وثالثة تركها زوجها بعد زواجه بأخرى وأب لا يعرف شيئا عن حياة ابنه الذي تسرب من المدرسة وآخر هرب من المنزل بعد مشادة مع والده الذي هدده بالضرب المبرح وثالث تشتت بين منزل والده وجده.. يسعون للحصول على لقمة يقتاتونها أو كسرة خبز وحبات بندورة يعودون بها لمنازلهم ليتقاسموها مع أشقائهم أو يشترون لأنفسهم الدخان وغيره بعد أن يسلموا في نهاية اليوم ما جمعوه من مال التسول والبيع للرجل فيأخذ الكثير ويرمي لهم الفتات القليل والمبلغ الزهيد.
يكبرون شيئا فشيئا ويقضون جل وقتهم في الطرقات دون حسيب أو رقيب وتكبر معهم همومهم وتكبر كذلك ميولهم الإجرامية وتتشكل في قلوبهم الأحقاد تجاه مجتمع لم يراع طفولتهم وحبهم للحياة وتكبر أحقادهم تجاه آباء وأمهات لم يكترثوا لمصير أبناء تنهشهم كلاب الطرق الضالة ويتعرضون للإهانات من هذا وذاك.. ولم يسألوا إن كانوا جوعى أو كانوا دون مأوى ولم يوفروا لهم أدنى مقومات الحياة كغيرهم من الأطفال ولا حتى النصح والمتابعة.
ثلاثة أطفال عملوا واجتهدوا وحاولوا التغلب على قسوة الحياة ومر العيش ولكنهم أطفال فقدوا طفولتهم وقدرتهم على اتخاذ القرار فسلبت إرادتهم وسرقت طفولتهم منذ نعومة أظفارهم وسرقت عقولهم في سنوات نضجها الأولى وسلب تفكيرهم من مستبد ليسيرهم كيفما يشاء ليتجه أحدهم لترويج المخدرات وتعاطيها وآخر للسرقات والثالث للتسول. كيف لا وهم من تخلى عنهم القريب وباعهم البعيد لتحقيق مآربه وجمع المال بدمائهم وعرقهم وسرق قوتهم وأعطاهم الفتات.. سيكبرون ويحقدون وينتقمون من المجتمع بجرائمهم إن لم يتم إنقاذهم فما زال في الحياة متسع وما زال في الوقت فسحة لنعيد التفكير في التعامل معهم.. وما زال الوقت مبكرا لنذكر كل أب وكل أم بالبحث عما يتعرض له أبناؤهم.. استمعوا لأبنائكم.. تحسسوا مشاكلهم.. لا تتركوهم للاستغلال.
ما ذنبهم؟
العقيد لؤي ارزيقات
إنها الساعة السادسة صباحا وخيوط الشمس بدأت تتسلل من بين غيوم السماء لتُنير الدروب وتسطع على الأرض في يوم غائم بارد، وحركة المركبات بدأت تنشط في الطرقات رويدا رويدا وتشتد شيئا فشيئا، وثلاثة من الأطفال وصلوا لتوهم بجانب إشارة ضوئية وضعت على مفترق وسط المدينة يبحثون عن شعاع أو خيط من خيوط الشمس ليحتموا به علهم يدفئون عظامهم وأيديهم وجلودهم قليلا من برودة الطقس ومن الصقيع المتجمد على الأرض بعد ما أحضرتهم مركبة ذاك الرجل المستغل لهم والذي يجبرهم على التسول والبيع بالقرب من الإشارات الضوئية وعلى المفارق.. وهم يرتجفون من البرد ويستجمعون قواهم تحضيرا ليوم شاق من العمل المرهق رغم صغر سنهم ووهن أجسادهم التي لا تقوى على العمل وعدم نضج عقولهم التي لم تدرك سبب إطاعتهم لهذا المستبد غريب الأطوار شديد السطوة.. يبحثون في زقاق الطريق وعلى جنباتها عن بضعة شواقل يضعها في أيديهم محسن أو من يعطف عليهم لتشفع لهم أمام الرجل الذي سيطر عليهم وعلى عقولهم بعد أن تقطعت بهم السبل بين أم مطلقة وأخرى ذهبت لبيت أهلها وثالثة تركها زوجها بعد زواجه بأخرى وأب لا يعرف شيئا عن حياة ابنه الذي تسرب من المدرسة وآخر هرب من المنزل بعد مشادة مع والده الذي هدده بالضرب المبرح وثالث تشتت بين منزل والده وجده.. يسعون للحصول على لقمة يقتاتونها أو كسرة خبز وحبات بندورة يعودون بها لمنازلهم ليتقاسموها مع أشقائهم أو يشترون لأنفسهم الدخان وغيره بعد أن يسلموا في نهاية اليوم ما جمعوه من مال التسول والبيع للرجل فيأخذ الكثير ويرمي لهم الفتات القليل والمبلغ الزهيد.
يكبرون شيئا فشيئا ويقضون جل وقتهم في الطرقات دون حسيب أو رقيب وتكبر معهم همومهم وتكبر كذلك ميولهم الإجرامية وتتشكل في قلوبهم الأحقاد تجاه مجتمع لم يراع طفولتهم وحبهم للحياة وتكبر أحقادهم تجاه آباء وأمهات لم يكترثوا لمصير أبناء تنهشهم كلاب الطرق الضالة ويتعرضون للإهانات من هذا وذاك.. ولم يسألوا إن كانوا جوعى أو كانوا دون مأوى ولم يوفروا لهم أدنى مقومات الحياة كغيرهم من الأطفال ولا حتى النصح والمتابعة.
ثلاثة أطفال عملوا واجتهدوا وحاولوا التغلب على قسوة الحياة ومر العيش ولكنهم أطفال فقدوا طفولتهم وقدرتهم على اتخاذ القرار فسلبت إرادتهم وسرقت طفولتهم منذ نعومة أظفارهم وسرقت عقولهم في سنوات نضجها الأولى وسلب تفكيرهم من مستبد ليسيرهم كيفما يشاء ليتجه أحدهم لترويج المخدرات وتعاطيها وآخر للسرقات والثالث للتسول. كيف لا وهم من تخلى عنهم القريب وباعهم البعيد لتحقيق مآربه وجمع المال بدمائهم وعرقهم وسرق قوتهم وأعطاهم الفتات.. سيكبرون ويحقدون وينتقمون من المجتمع بجرائمهم إن لم يتم إنقاذهم فما زال في الحياة متسع وما زال في الوقت فسحة لنعيد التفكير في التعامل معهم.. وما زال الوقت مبكرا لنذكر كل أب وكل أم بالبحث عما يتعرض له أبناؤهم.. استمعوا لأبنائكم.. تحسسوا مشاكلهم.. لا تتركوهم للاستغلال.